المركزيةـ أكدت المديرة العامة لليونسكو أودري أزولاي، دعم لبنان في اصلاح المؤسسات التربوية والمدارس والابنية الاثرية والتراثية التي تضررت بفعل إنفجار مرفابيروت”.
زارت ازولاي على رأس وفد ضم المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيش، مدير مكتب المديرة العامة نقولا كاسيانيديس، مساعدة ازولاي في قطاع التربية ستيفاني جيانيني ومدير مكتب الاونيسكو الإقليمي للتربية في الدول العربية وممثل الاونيسكو في لبنان حمد بن سيف الهمامي، قصر بعبدا، حيث التقت رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في حضور الوزير السابق سليم جريصاتي والمدير العام لرئاسة الجمهورية أنطوان شقير والمندوبة الدائمة للبنان لدى الاونيسكو السفيرة سحر بعاصيري والمستشارون العميد بولس مطر ورفيق شلالا واسامة خشاب.
وفي خلال اللقاء نقلت أزولاي الى الرئيس عون تعازي اسرة الاونيسكو بضحايا انفجار المرفأ والاستعدادات التي لدى المنظمة “لدعم لبنان في اصلاح المؤسسات التربوية والمدارس والابنية الاثرية والتراثية التي تضررت بفعل الانفجار”.
وشددت ازولاي على “أهمية المحافظة على التراث التاريخي للمنازل المتضررة والمساهمة في إعادة اعمارها وحمايتها”، مبدية الرغبة في “التعاون مع المؤسسات الرسمية اللبنانية التي ستتولى مسألة إعادة اعمار الاحياء المتضررة”.
ورد الرئيس عون مرحبا بالسيدة ازولاي، شاكرا زيارتها للبنان وتضامنها مع الشعب اللبناني، مقدرا “تعهد الاونيسكو قيادة الجهود لاعادة بناء الثقافة والتراث وتنسيق الاستجابة الدولية في هذا الاطار والاهتمام بإعادة تأهيل المدارس المتضررة ودعم قطاع التعليم وتنسيق الجهود وتقديم الدعم التقني والمادي لوزارة التربية لتطوير التعليم عن بعد (عبر الانترنت) وضمان توافر الوسائل التكنولوجية لجميع الطلاب لتحقيق هذه الغاية في ظل الكورونا”.
وأوضح الرئيس عون ان “الانفجار كان ضخما وبمثابة زلزال والاضرار لحقت بكل القطاعات (الصحة، التعليم، الغذاء، السياحة، إعادة الاعمار) إضافة الى مرفأ بيروت والكثير من المباني دمرت، و200 الف وحدة سكنية تضررت، وان هناك 300 الف نازح لبناني، إضافة الى النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين”.
ولفت الى ان “40% من البنى التحتية في بيروت تضررت بشكل بالغ، وان عدد المباني الاثرية المتضررة بلغ 640 مبنى (اثري 480 – ذات طابع اثري 160) وعدد المناطق التاريخية وذات الطابع الثقافي المتضررة بلغ 8، وتقدر تكلفة إعادة اعمار المباني الاثرية الـ 640 المتضررة 286 مليون دولار أميركي”، واشار الى ان “عدد المؤسسات التعليمية المتضررة بلغ 120 مدرسة و8 جامعات و20 مؤسسة تعنى بالتعليم التقني والمهني وعدد التلاميذ المتأثرين باضرار المؤسسات التعليمية حوالى 63 الف طالب. اما عدد الوظائف المتأثرة في القطاع التربوي (أساتذة – اداريين) فتفوق 6 الاف، كذلك تم تحويل عدد من المدارس الى مأوى ما قد يعرقل بدء العام الدراسي”.
واكد رئيس الجمهورية ان “الحاجة كبيرة لان يدعم المجتمع الدولي لبنان، ليس فقط في الشق الإنساني ولكن أيضا في الشق التنموي”، لافتا الى ان “لبنان لن يستطيع ان ينهض من دون دعم المجتمع الدولي”.
وشكر الرئيس عون السيدة ازولاي على دعمها انشاء “اكاديمية الانسان للتلاقي والحوار” وقال: “نعول على التعاون والتنسيق معكم ومع الاونيسكو في سبيل إنجاح هذه المبادرة المهمة لتعميم ثقافة الحوار والسلام في لبنان والمنطقة، وقمنا بتخصيص ارض مساحتها 100 الف متر مربع لاستقبال هذه الاكاديمية في منطقة الدامور”.
عصرا عقدت المديرة العامة للأونيسكو اودري ازولاي مؤتمرا صحافيا في قصر سرسق، الخامسة والنصف من مساء اليوم، دعت فيه إلى “حماية المناطق المتضررة من خلال اتخاذ تدابير تنظيمية وتشريعية وتجميد موقت لأي معاملات عقارية فيها مع تطبيق تدابير لحماية الإرث الوطني، الذي هو اساسي للبنان”.
كما أعلنت عن “تنظيم اجتماع للدول والجهات المانحة أواخر أيلول المقبل لدعم الشعب اللبناني ومساعدته على إعادة احياء تاريخه وإعادة إحياء هذه المدينة التاريخية”، وقالت: “لقد اعتراني الألم، وأنا أشاهد تطاير أسطح المنازل والنوافذ مشلعة، والمباني التاريخية متصدعة، والمدارس غير متوافرة للأطفال. كل ذلك يشكل شاهدا على العنف الذي لا يصدق الذي ضرب هذه المدينة. ووفقا للتقديرات الأولية، هناك نحو 8 آلاف مبنى متضرر بنسب مختلفة، من ضمنها 600 مبنى ذات طابع تاريخي، ونحو 60 مبنى معرض للانهيار”.
وأشارت إلى أن “الأحياء الجميلة التي كانت تحاكي الإبداع العالمي لناحية التصاميم الهندسية وكانت محط الأنظار تحولت الى انقاض”، وقالت: “إن المدارس أصيبت أيضا، فهناك نحو 160 مدرسة كانت تستقبل ما يقارب 80 الف تلميذ، وفي مكان الدمار هذا الذي يمزق القلب، رأيت ايضا المقاومة والألتزام وتجند كل من يرفض الانصياع والإستسلام، ومنه المجتمع المدني الذي يريد ان يساعد، والمتطوعون الذين رأيتهم في الشوارع يحاولون الحفاظ على هذا الخيط بين الماضي والحاضر والمستقبل. لقد شاهدت طاقة كبيرة للغاية بالنسبة إلى البلد، واود ان اؤكد لكم جميعكم انكم لستم بمفردكم فنحن نشارككم الحزن والأسى، لكننا معجبون بهذه الشجاعة”.
أضافت: “إن الأونيسكو تقف بجانبكم لتجند كل المجتمع الدولي وتدعم إعادة الإعمار عبر الثقافة، ومن اجل الثقافة بغية التعليم، ومن اجل التعليم وعبر التعليم، وهي اعمدة اعادة البناء ويجب ان تأتي وتبدأ فورا”.
وتابعت: “بالنسبة إلى التعليم، فهو يشكل مسألة مصيرية للبنان، وبالتأكيد قلقا كبيرا للعائلات. إن المسألة الملحة الأولى هي اعادة تأهيل هذه المدارس التي دمرت. وستدعم الأونيسكو بالتأكيد مشروع الأمم المتحدة لهذه لغاية. لقد كرسنا ايضا موارد مالية لمساعدة ما يقارب 40 مدرسة عبر موارد خاصة للأونيسكو، وتمويل هذه المدارس مسألة اولية، وابعد من ذلك متابعة اعادة التأهيل واستمرار التعليم. هذه الأزمة اضيفت الى ازمات سابقة، فالعودة إلى المدرسة هذا العام ستكون صعبة، لكن هذا الامر ملح وطارىء للغاية ولربما يكون التعليم عن بعد او تعليم جزئي عن بعد، وفي المدارس. وسنعقد في اول ايلول جلسة خاصة للمؤتمر والتحالف الدولي المشكل خصوصا لمواجهة كوفيد 19 في جلسة مخصصة للبنان”.
وأردفت: “يجب حماية ما يشكل روح هذه المدينة من خلال تنظيم اعادة بناء الشوارع المدمرة واعادة بناء ما يحمي المساحات التاريخية والمساحات التي تشكل روح هذه المنطقة، وأعني روح بيروت، وأبعد من ذلك روح لبنان، من خلال احترام التاريخ والطابع الأثري لهذه الشوارع والمناطق لإتاحة استمرار هذه الديناميكية. فمن دون هذه الشوارع والمناطق التاريخية ومن دون هؤلاء المبتكرين، بيروت لن تكون بيروت. يجب اعادة ووضع اطر جديدة لكل هذه المجتمعات هنا. تدعو الأونيسكو بقوة إلى حماية هذه المناطق من خلال تدابير تنظيمية وتشريعية مما يمكن ان يتسبب به الإستثمار في المباني الجديدة وايضا هشاشة الساكنين هنا، ولربما يمكن ان يمنح وضع خاص لهذه المنطقة ولربما تجميد مؤقت لأي معاملات عقارية، لقد قلت ذلك بقوة هذا الصباح خلال اجتماعي بفخامة رئيس الجمهورية، واعتقد انها مسألة يجب ويمكن ان تكون ذات اتفاق وطني، وهذا امر ضروري وابعد من هذه الحالة الطارئة هنا، يجب ان نطبق تدابير لحماية الإرث الوطني للبنان وهو اساسي للبنان وهو ارث غني للغاية ويستأهل ايضا تدابير على هذا المستوى”.
واعلنت ازولاي “ان الأونيسكو تتعهد بتقديم خبرتها وايجاد التمويل الضروري لإعادة تأهيل المباني التاريخية المدمرة والمصابة ايضا من خلال احترام ايضا القواعد والإصول الدولية لإعادة التأهيل. ان المجتمع الدولي والسلطات اللبنانية والمجتمع المدني يجب ان يعملوا سويا جنبا الى جنب، والإونيسكو مستعدة ايضا ان تلعب دورها الكبير في هذا الشأن، كل هذه الجهود من اجل بيروت ستكون موضوع مبادرة نطلقها اليوم وسميناها باسم “لبيروت” وحيث سنطلب تمويلا ماليا ابتداء من اليوم من المجتمع الدولي من الدول من المنظمات اقليمية من المؤسسات والشركات وايضا من الأفراد، عليكم وباستطاعتكم مساعدة بيروت، من اجل بيروت وابتداء من اليوم”.
وقالت: “سننظم اجتماعا للدول والجهات المانحة اواخر شهر ايلول وعلينا ان ندعم ونساعد الشعب اللبناني لإعادة احياء تاريخه واعادة احياء هذه المدينة التاريخية ليكون هناك مبادرات ومقاربات للمستقبل، من اجل لبنان ومن اجل كل الأجيال ومن اجل شبان لبنان الذين يحبون بلدهم ويريدون المضي قدما، التاريخ يعتمد على المعرفة وعلى الإبتكار وكل ما يشكل بيروت ولا يمكن ان نضع حدا له”.
اسئلة
وردا على سؤال قالت ازولاي: “اعتقد انه علينا اتخاذ الخيار، والخيار يعود اولا لبيروت وللشعب اللبناني، ولكن رأيي الخاص يعكس فكر الأونيسكو ايضا في ما يتعلق باعادة الإعمار بعد الحروب والمآسي هو ابقاء اثر ما، سيكون على المجتمع هنا ان يقرر، ولكن علينا المحافظة على الطابع التاريخي بطريقة ما”.
وفي ما يخص مسألة التعليم عن بعد، قالت: “يمكن ان نبدأ بالقول إن هذه المسألة هي مشكلة واجهناها عالميا، كما تعلمون انه في عز هذه الأزمة، كان هناك نحو مليار ونصف مليار تلميذ غير قادرين على التوجه الى المدارس ونصفهم لم يكن لديه امكانية الوصول الى الإنترنت. اذا مسألة التعليم عن بعد ليست دائما عبر الإنترنت لربما قد تكون عبر وسائل الإعلام والراديو او التلفزيون التي في استطاعتها لعب دور كبير، ولكن يجب معالجة هذه المسألة. ان هذه الأزمة فاقمت كل المسائل والصعوبات التي كانت متواجدة، خصوصا في قطاع التعليم. ولذلك، رغبنا في انشاء هذا التحالف الذي سيكرس جلسة خاصة للبنان حيث سنتناول مسألة الإتصالات عبر الإنترنت ولربما عبر التليكوم ايضا لتقديم الإنترنت مجانا. مسألة الأجهزة ايضا والإعداد الكبير للأنظمة التعليمية اللبنانية التي لربما لم تكرس جهدا كبيرا عبر الإنترنت، وهذا ما سنحاول ان نقوم فيه في لبنان اي تقديم هذه المسائل التصحيحية لمعالجة اي اخطاء او ثغرات. ولذلك، فور سماح الظروف الصحية يجب على التلامذة ان يعودوا الى المدارس”.
وردا على سؤال، قالت: “نتحدث عن ارث يعكس تاريخ لبنان وتاريخ شهد خلط كثير من ثقافات مختلفة لا نجدها في اي مكان آخر، وهي تشكل منارة في العالم واقدر دائما هذا الإرث، حيث نرى مزيجا بين الخلق والتراث، وهي اماكن كانت مساحات حرية قيمة للغاية، وهذا ايضا جزء من هوية لبنان وربما لم نكن نقدر كفاية اهمية ارث وثقافة بلد من الخارج، ونحن نثمن ذلك من لبنان. وفي ما يتعلق بالأرقام والأضرار نقوم بالدراسات الضرورية، والسلطات اللبنانية بدأت بإعداد عمل أولي مع تقديرات، وذلك يطبق بتكريس مئات ملايين الدولارات الضرورية لإعادة بناء المباني التاريخية الى جانب ومع شركاء من المجتمع الدولي من مهندسين ومعماريين ايضا يقفون بجانبنا، واعتقد ان ليس هناك من حل، الا العمل سويا من خلال تحالف وطني كامل للعب هذا الدور”.
اضافت: “لدينا اجراءات نطبقها في كل دول العالم، وايضا مستلزمات شفافة قوية للغاية مع اي نوع من الأنظمة، وسنطبق هذه الإجراءات، كما نفعل في كل دول العالم. وهناك حاجة لبضع مئات الملايين من الدولارات لترميم المباني التراثية، فلا يمكن ان نجمع هذه المبالغ بضربة واحدة، انما بجهد مستمر، ولكن ما تقدمه الأونيسكو ضمانة الشفافية والقواعد اللازمة لإعادة الترميم، وهناك حاجة طارئة للحماية من الأمطار الطارئة وحماية المباني من الإنهيار، وسيستلزم ذلك وقتا طويلا وجهدا كبيرا”.
وقالت ردا على سؤال: “ان امكانية النفاذ للتعليم للطبقات الأكثر فقرا، انها تحد كبير للبنان ولكن بالنسبة لنا نؤمن انه عبر التعليم والتربية نستطيع ان نحصل على اثر طويل الأمد لتأمين الفرص المتساوية ومكافحة الفقر”.
واعلنت ردا على سؤال آخر: “طالبنا باتخاذ كل التدابير التتظيمية لحماية الإرث الثقافي ومنع اي صفقات عقارية في المنطقة وهذا ما طلبته من الرئيس عون هذا الصباح ونحن نؤمن انه من الضروري حماية هذا الأرث، وفي ما يتعلق بالميزانية نقوم بتقييم اولي ويشمل عدة مئات من ملايين الدولارات الضرورية لإعادة بناء المباني التاريخية”.
وفي إطار الجهود الدولية لإعادة إعمار المدارس المتضررة، تفقد وزير التربية والتعليم العالي الدكتور طارق المجذوب والمديرة العامة لمنظمة اليونيسكو أودري أزولاي، مدرسة الثلاثة أقمار الأثرية في الجميزة ومدرسة الأشرفية الثالثة الرسمية ومدرسة الحبل بلادنس لراهبات المحبة، في حضور مساعدة المديرة العامة لشؤون التربية ستيفانيا جيانيني، سفيرة لبنان لدى اليونيسكو سحر بعاصيري، مدير المكتب الإقليمي لليونيسكو حمد الهمامي والدكتورة ميسون شهاب وفريق عمل المكتب، وضم وفد الوزارة المدير العام للتربية فادي يرق، مديرة الإرشاد والتوجيه هيلدا الخوري، المستشار الإعلامي ألبير شمعون والمهندسة مايا سماحة.
وجال الوفد على أرجاء المدارس وشاهد الدمار الكبير الذي هدم الجدران وسحق الزجاج والأبواب والنوافذ، وحطم التجهيزات والمختبرات والمكتبات والقاعات.
المجذوب
وبعد الجولة الميدانية، قال المجذوب: “في النكبة التي أصابت بيروت نجد الأصدقاء إلى جانبنا، وفي مقدمتهم منظمة اليونسكو والمنظمات الدولية الشريكة والدول الصديقة. لقد أصاب عصف الانفجار المدمر لمرفأ بيروت مجموعة من أهم المدارس والمؤسسات التربوية والجامعية الرسمية والخاصة، وسقط بنتيجته ضحايا أعزاء، وتعطلت القدرة على نهوض المؤسسات مجددا بقواها الذاتية، نظرا للأزمات الاقتصادية والوطنية المتتابعة ولأزمة كورونا، وتحول أكثر من نصف الشعب اللبناني إلى فقراء، فأصبحت المؤسسات التربوية عاجزة عن الاستمرار وقد أقفلت أبواب الكثير منها، لكن الطامة الكبرى اجتاحتنا بانفجار المرفأ الذي قضى على آخر قوانا”.
أضاف: “إن حضور المديرة العامة لليونسكو السيدة أودري أزولاي إلى بيروت الحزينة لكي تتفقد مدارسها المدمرة والمتضررة، إنما يعطينا بعض الأمل بالعودة إلى الحياة، خصوصا وأنها سوف تتولى التنسيق في موضوع المساعدات التي نأمل وصولها بالسرعة القصوى لإنقاذ العام الدراسي. إننا نقدر عاليا حضور السيدة أزولاي بيننا في هذه المحنة، ونتقدم منها ومن فريق عمل اليونسكو في بيروت برئاسة الدكتور حمد الهمامي بالشكر والامتنان، للجهود التي يبذلونها لجهة التنسيق وجمع المعطيات وتوفير المعلومات الفنية والمسح الميداني، تسهيلا لعمليات الترميم وإعادة البناء المنتظرة”.
وتابع: “يهمنا التذكير بأن نحو 90 ألف طالب تعطلت دراستهم نتيجة هذا الانفجار الآثم، وأصبحت نحو 30 مدرسة مصابة بأضرار جسيمة، بالإضافة إلى أضرار متوسطة ومقبولة في ما يزيد عن 160 مدرسة. إن حاجاتنا كثيرة جدا وتشمل الحاجة إلى تجهيزات إلكترونية وأجهزة كمبيوتر محمولة لتطبيق التعليم المدمج أو التعلم عن بعد، ونأمل أن تشمل مساعي السيدة أزولاي توفير هذه الحاجات من الاصدقاء والمانحين في العالم. كما أنها مناسبة للتأكيد على التزامنا الإنساني بتقديم التعليم لجميع الأولاد الموجودين على الأراضي اللبنانية من لبنانيين ولاجئين ونازحين، حفاظا على حقهم في التعليم”.
وختم: “نشكر اليونسكو على التعاون معنا في ورشة تطوير المناهج وتطوير التعليم الرقمي والتفاعلي. شكرا للمديرة العامة لليونسكو على هذه الزيارة، وعلى الأمل الذي منحتنا إياه لكي ننهض ونحافظ على رسالة التربية والتعليم، سبيلا لتحقيق النهوض العام في بلادنا الجريحة”.
أزولاي
بدورها، قالت أزولاي: “جئت بإسم الأونيسكو لأحمل رسالة وشهادة تضامن وصداقة للشعب اللبناني في ظل الأزمة. وتفقدنا مدرستين في الأشرفية التي عانت كثيرا ورأينا فداحة الأضرار، وتأثير ذلك على الأولاد وعلى العائلات. لقد تضرر الكثيرون وإننا سنعمل على تنسيق المساعدات لا سيما وأن الأكلاف المقدرة أوليا لإعمار المباني المدرسية تقارب 22 مليون دولار”.
أضاف: “إننا نعلن عزمنا عقد اجتماع للاتحاد العالمي للتربية سوف يكون لمواجهة أزمة كورونا ولدعم لبنان تربويا وجامعيا، ليتمكن من استعادة الحياة التربوية”.
وأشارت الى “عزم الأونيسكو دعم التعلم عن بعد والإفادة من التجارب الدولية لليونسكو”، وقالت: “سوف نعمل على إيصال التجهيزات التي تساعد التلامذة على القيام بذلك، كما ستكون لنا مبادرة نحو التلامذة غير القادرين على متابعة التعليم من اجل تأمين حقهم بالدراسة”.
اجتماع
ثم عقد المجذوب وأزولاي وجيانيني إجتماعا في إحدى قاعات التدريس، تخلله عرض الواقع والحاجات والتحضير للمؤتمر الذي ستعقده اليونيسكو في 4 أيلول المقبل، من أجل طلب دعم المانحين في العالم للتربية في لبنان. وتم البحث في الخطوات المقبلة.
الجامعات
وانتقل المجذوب والوفد المرافق إلى قاعة المحاضرات في الوزارة حيث عقد ومساعدة المديرة العامة لليونيسكو للشؤون التربوية ستيفانيا جيانيني اجتماعا مع رؤساء الجامعات وممثليهم، في حضور المدير العام للتعليم العالي بالتكليف فادي يرق، وممثلة المكتب الإقليمي للأونيسكو الدكتورة ميسون شهاب وفريق عمل اليونيسكو.
بعد كلمة ترحيب من يرق تحدث المجذوب فقال: “قبل انفجار المرفأ ليس كما بعده. فقد أغرقت المصيبة البلاد بكل مناحي الحياة، ولكن اللبنانيين الذين ليس لهم أمل إلا في تربية أبنائهم وتخصصهم الجامعي، باتوا متمسكين أكثر من أي وقت مضى بمؤسساتهم التربوية والجامعية الرسمية والخاصة لفتح كوة في جدار أزماتهم المتراكمة”.
اضاف: “الهاجس التعليمي بات رابضا على الصدور مثل أكوام الركام الرابضة فوق حطام بيروت ، وإن زيارة المديرة العامة لليونسكو السيدة أودري أزولاي اليوم إلى بيروت مع السيدة جيانيني التي نرحب بها اليوم في حضور أركان المكتب الإقليمي والشركاء في أسرة الأمم المتحدة، هذا الحضور يشكل بالنسبة إلينا بارقة امل نتمسك بها لإعادة النهوض وإبقاء بعض ابنائنا في وطنهم ليقودوا لبنان الرسالة من جديد”.
وتابع: “إن جامعاتنا التي تضررت بعصف انفجار المرفأ، لم تخرج بعد من عصف الأزمة الإقتصادية والمالية والنقدية، وبات إفلاس اللبنانيين حقيقة واقعة نعيشها كل يوم في وزارة التربية وفي الجامعة اللبنانية وفي الجامعات الخاصة، إذ تعجز هذه المؤسسات التي صمدت في الحرب العبثية عن مواكبة أجيال صناعة المستقبل اللبناني. نعم الصورة قاتمة، والحاجات متعاظمة للترميم والتجهيز والتمويل والعصرنة واستخدام التعلم الرقمي وعن بعد. ولكن الإتكال كبير على جهود اليونسكو لتنسيق هذه الورشة الكبيرة التي نالت من الحجر وكادت تقضي على أحلام الشباب. ينتظرنا عمل كثير يتطلب جهودا وتضحيات تستدعي وقوف الأصدقاء إلى جانبنا وأنتم أنتم أفضل الأصدقاء وأكثرهم وفاء وإخلاصا للتربية والعلوم والثقافة وحفظ تراث بيروت ولبنان”.
جيانيني
من جهتها، قالت جيانيني: “تعيدني هذه القاعة إلى عملي الأساسي كأستاذة جامعية، إن ما نقوم به في بيروت هو الوقوف على الصورة الحقيقية للوضع التربوي بعد الإنفجار الآثم، والمديرة العامة للأونيسكو زارت مدارس رسمية وخاصة متضررة جدا وتتابع الوضع الثقافي بعد إصابة مؤسسات ثقافية مرموقة. إن الوضع صعب خصوصا مع انتشار فيروس كورونا وهناك 33 مليون طالب يعيشون ظروفا دقيقة”.
اضافت: “لقد زرت في العام 2007 الجامعة اليسوعية والجامعة الأميركية واعجبت بالمستوى وبالعمل على التواصل الثقافي والعالمي. بيروت تعيش في قلب الأزمة واريد ان استمع إليكم واطلع على مواقفكم وتحدياتكم في مواجهة الأزمة. سيما وأن المدارس كانت تطلب إعادة الإعمار والترميم والتأهيل، والحصول على أجهزة كمبيوتر لتتمكن من مواصلة التعليم عن بعد. والجامعات تعمل على تواصل المعرفة وإنتاجها ومعها يمكن أن تجعل الشباب منخرطين في استنهاض البلاد، وتحريك المجتمع الدولي”.
وتابعت: “إن التحدي أمام لبنان وهو جعل المنظومة تعمل وتستعيد عزمها في الأزمة وإن اليونيسكو تعمل على تنسيق المساعدات مع المانحين ومع المعنيين في لبنان. ونحن نعتزم عقد إجتماع دولي للاتحاد العالمي للتربية للبحث في التحديات لمواجهة الفيروس وسيكون هذا الإجتماع مخصصا لإيجاد الحلول للبنان في أزمته، وذلك بالتنسيق مع المانحين. وسوف تعود المديرة العامة لإرساء طريقة الدعم للتربية. وإننا نراهن على الأكاديميين اللبنانيين لتفعيل المؤسسات. كما نأمل من الوزير والحكومة العمل بقوة، وننتظر الإجتماع الدولي في 4 أيلول لجمع القوى الدولية حول إيجاد الدعم للبنان في الميدان التربوي”.
ثم طرح ممثلو الجامعات الأسئلة التي تحورت حول “أضرار المؤسسات وفقدان العديد من الطلاب، ودمار التجهيزات، وفقر الأهل والتوجه إلى السفر من جهة التلامذة والأساتذة بسبب الأزمة النقدية وتدني الرواتب، وامتناع المصارف عن إعطاء الدولار للمواطنين والمؤسسات”. وشددوا على “ضرورة تأمين التجهيزات الإلكترونية وتحسين خدمة الإنترنت والكهرباء”، وتحدثوا عن “أسعار الكتب المرتفعة بالنسبة إلى اللبنانيين وحتى الكتب الرقمية والإشتراكات في المجلات العالمية تتطلب الدولار”، وتحدثت ممثلة الجامعة اللبنانية عن تدفق الطلاب إليها وطالبت بإعفائهم من رسوم التسجيل”.
وركزت جيانيني على الإجتماع الدولي طالبة من وزارة التربية “إعداد لائحة بالحاجات الفعلية للتربية والتعليم العالي في لبنان لعرضها على المؤتمر”.
بدوره أكد المجذوب على “التعاون بين الجامعة اللبنانية والجامعات الخاصة”. لافتا إلى أن “الوزارة تعمل مع الجميع على جمع المعطيات وتنسيقها ولكن بإمكانات متواضعة”، وكشف عن “التواصل مع المؤسسات العالمية لتأمين تجهيزات الكترونية مجانا أو بأسعار متدنية جدا”، معتبرا أن “المحن تعلم الأمم أن تبقى وتستمر”.
واشار الى “السعي إلى تطبيق تعليم نوعي ومرن للجميع”، مشددا على ان “الرأسمال الوحيد الذي لدينا هو الرأسمال البشري، والوزارة ستضع كل الإمكانات التي لديها بخدمة التربية والتعليم، وبمساعدة اليونيسكو ومع المنظمات الدولية وهناك وعود طيبة”.
وختم مؤكدا إن “تواصلنا مستمر مع الدول العربية الشقيقة والصديقة وكلنا أمل بأن تتم ترجمتها فعليا”، مشددا على “إنجار البروتوكول الصحي الذي سوف يتم تعميمه قريبا”.